يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله لا يُسلِم الحق، ولكن يتركه ليبلوا غَيْرة الناس عليه فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه"، ويقول أيضًا: "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق"، فالحق أحق أن يتبع وكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم..
واﻷصل في الطريق إلى الله عدم التعلق باﻷشخاص مهما كانوا:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]،
والمحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم وكل من تساقط على الطريق وتجاوز الحق تجاوزه التاريخ، فيعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال.
يقول الإمام العلامة ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة"، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".
ويحدد شيخ الإسلام ابن تيمية أن وقوفك في صفوف الظالمين خيانة، ولو نطقت بآيات القرآن، فيقول رحمه الله: "إذا وجدتموني في صفوف التتار وفوق رأسي مصحفًا فاقتلوني"، وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام مثلما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام.
قال الفرزدق الشاعر المعروف للحسين بن علي عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم: "قلوبهم معك وأسيافهم عليك، والأمر ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"، فقال الحسين رضي الله عنه: "صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو الـمستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته".
ومن يدعي الحياد فإنه متردد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخطأ والصواب؛ والخير والشر؛ والحياد في أمر الحق والباطل مسألة غير واردة إطلاقًا
{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس من الآية:32].
فالمحايد شخص لم ينصر الباطل بشكل مباشر ولكنه خذل الحق وأعان عليه، وقلل سواده وأخر نصرته، وفتن أهله ولبس على الناس في أمره، وأضل نفسه وغيره ببعده عن جادة الطريق، ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "الطعن بالمجاهدين من دلائل فسق الرجل".
وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين.
ولا يخاف سماع صوت الحق إلا مَن كان على الباطل، ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل، وسيأتي النصر بزمان ومكان وطريقة لا تخطر على قلب بشر مؤمنًا كان أو كافرًا:
{ومَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى للْبَشَرِ} [المدثر من الآية:31].
التدافع بين الحق والباطل
وهكذا يبلو الله الناس، ويغير الأحوال، لكي يظهر النفاق وينجم ليميز الله الخبيث من الطيب،
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)
آل عمران: من الآية179 .
فلا بد أن يكون هنالك أحداث وأحوال، لا بد أن يكون هنالك صراع بين الحق والباطل، وهو الدفع الذي ذكره الله بقوله :وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍالبقرة: من الآية251 .
دفع المسلمين دفع الكفار بالمسلمين، ودفع المنافقين بالمؤمنين، دفع الناس بعضهم إلى بعض، هذا التدافع وهذه المواجهة وهذا القول وهذا الرد وهذا الإنكار هو التدافع، ليصطفي الله من المؤمنين من يدافع عن شريعته، ويعلن الحق وينكر الحكم الشرعي، وينافح ويصبر ويؤذى ويحتسب، وفي المقابل يهلك من هلك عن بينه بقول الباطل والإصرار عليه والمنافحة عنه والإتيان بالحجج من أجله، مكر الليل والنهار، امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْصّ: من الآية6، استمرار على الباطل وإصرار عليه، يحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وليس هنالك متفرجون، لأن هؤلاء المتفردين سيكونون مع هذا الطرف أو ذاك، فينزلق من ينزلق، وينجو من ينجو، فيصطفي الله من يكون من أهل الحق ينصرهم، ويتشرك معهم في الرد ويقويهم، ويكون من المتفرجين من يكون مع أهل الباطل فينزلق معهم ويفتتن بكلامهم وتعجبه أقوالهم فيؤيدهم فيهلك معهم فيكون قد هلك بعدما رأى الحجج من هنا ومن هنا ورأى المواجهة ورأى المعركة، فعند ذلك يهلك من هلك عن بينه ويحيى من حي عن بينة .
إن هذه المواجهات يا عباد الله أحداث وقدر إلهي لا بد منه، لأن التميز بين الناس لا يحصل إلا بمثل هذا، لا يمكن أن يتمايز الناس إلا باحتكاكات، إلا بأشياء فيها مواجهات، ولذلك يظن بعض الناس أن تهدئة كل شيء ممكن، وهذا غير ممكن لأن الله يريده، هذه سنة ربانية، هذه سنة إلهية أن يتواجه الحق مع الباطل،كيف للجنة أهل واضحون معروفون إلا وهنالك راية للحق رفعت فقاموا من أجلها، وكيف يكون للنار أهل متميزون وواضحون إلا إذا كانوا مع الباطل وانساقوا معه وكانوا في ركبه وجنده، ولا بد للجنة أن تمتلئ ولابد للنار أن تمتلئ هذا قضاء الله تعالى .
ومن فهم الأمور على سنن الربانية فعند ذلك يصح موقفه، هنالك فعلاً احتدام واضح بلا ريب، لكن هذا الاحتدام لا يمكن القضاء عليه لأن الله أراده لحكمة عظيمة، التميز والابتلاء
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ العنكبوت:2-3.
المصدر
طريق الاسلام
و
الموقع الرسمى للشيخ محمد صالح المنجد
واﻷصل في الطريق إلى الله عدم التعلق باﻷشخاص مهما كانوا:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]،
والمحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم وكل من تساقط على الطريق وتجاوز الحق تجاوزه التاريخ، فيعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال.
يقول الإمام العلامة ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة"، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".
ويحدد شيخ الإسلام ابن تيمية أن وقوفك في صفوف الظالمين خيانة، ولو نطقت بآيات القرآن، فيقول رحمه الله: "إذا وجدتموني في صفوف التتار وفوق رأسي مصحفًا فاقتلوني"، وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام مثلما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام.
قال الفرزدق الشاعر المعروف للحسين بن علي عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم: "قلوبهم معك وأسيافهم عليك، والأمر ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"، فقال الحسين رضي الله عنه: "صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو الـمستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته".
ومن يدعي الحياد فإنه متردد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخطأ والصواب؛ والخير والشر؛ والحياد في أمر الحق والباطل مسألة غير واردة إطلاقًا
{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس من الآية:32].
فالمحايد شخص لم ينصر الباطل بشكل مباشر ولكنه خذل الحق وأعان عليه، وقلل سواده وأخر نصرته، وفتن أهله ولبس على الناس في أمره، وأضل نفسه وغيره ببعده عن جادة الطريق، ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "الطعن بالمجاهدين من دلائل فسق الرجل".
وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين.
ولا يخاف سماع صوت الحق إلا مَن كان على الباطل، ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل، وسيأتي النصر بزمان ومكان وطريقة لا تخطر على قلب بشر مؤمنًا كان أو كافرًا:
{ومَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى للْبَشَرِ} [المدثر من الآية:31].
التدافع بين الحق والباطل
وهكذا يبلو الله الناس، ويغير الأحوال، لكي يظهر النفاق وينجم ليميز الله الخبيث من الطيب،
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)
آل عمران: من الآية179 .
فلا بد أن يكون هنالك أحداث وأحوال، لا بد أن يكون هنالك صراع بين الحق والباطل، وهو الدفع الذي ذكره الله بقوله :وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍالبقرة: من الآية251 .
دفع المسلمين دفع الكفار بالمسلمين، ودفع المنافقين بالمؤمنين، دفع الناس بعضهم إلى بعض، هذا التدافع وهذه المواجهة وهذا القول وهذا الرد وهذا الإنكار هو التدافع، ليصطفي الله من المؤمنين من يدافع عن شريعته، ويعلن الحق وينكر الحكم الشرعي، وينافح ويصبر ويؤذى ويحتسب، وفي المقابل يهلك من هلك عن بينه بقول الباطل والإصرار عليه والمنافحة عنه والإتيان بالحجج من أجله، مكر الليل والنهار، امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْصّ: من الآية6، استمرار على الباطل وإصرار عليه، يحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وليس هنالك متفرجون، لأن هؤلاء المتفردين سيكونون مع هذا الطرف أو ذاك، فينزلق من ينزلق، وينجو من ينجو، فيصطفي الله من يكون من أهل الحق ينصرهم، ويتشرك معهم في الرد ويقويهم، ويكون من المتفرجين من يكون مع أهل الباطل فينزلق معهم ويفتتن بكلامهم وتعجبه أقوالهم فيؤيدهم فيهلك معهم فيكون قد هلك بعدما رأى الحجج من هنا ومن هنا ورأى المواجهة ورأى المعركة، فعند ذلك يهلك من هلك عن بينه ويحيى من حي عن بينة .
إن هذه المواجهات يا عباد الله أحداث وقدر إلهي لا بد منه، لأن التميز بين الناس لا يحصل إلا بمثل هذا، لا يمكن أن يتمايز الناس إلا باحتكاكات، إلا بأشياء فيها مواجهات، ولذلك يظن بعض الناس أن تهدئة كل شيء ممكن، وهذا غير ممكن لأن الله يريده، هذه سنة ربانية، هذه سنة إلهية أن يتواجه الحق مع الباطل،كيف للجنة أهل واضحون معروفون إلا وهنالك راية للحق رفعت فقاموا من أجلها، وكيف يكون للنار أهل متميزون وواضحون إلا إذا كانوا مع الباطل وانساقوا معه وكانوا في ركبه وجنده، ولا بد للجنة أن تمتلئ ولابد للنار أن تمتلئ هذا قضاء الله تعالى .
ومن فهم الأمور على سنن الربانية فعند ذلك يصح موقفه، هنالك فعلاً احتدام واضح بلا ريب، لكن هذا الاحتدام لا يمكن القضاء عليه لأن الله أراده لحكمة عظيمة، التميز والابتلاء
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ العنكبوت:2-3.
المصدر
طريق الاسلام
و
الموقع الرسمى للشيخ محمد صالح المنجد
تعليق